فضل النوم على طَهارة فقد صحّتْ به الأحاديث ، فمن ذلك : في حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتَيْتَ مَضْجِعَك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجِع على شِـقِّـك الأيمن . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ في شِعَارِه مَلَك ، فلم يستيقظ إلا قال الْمَلَك : اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بَاتَ طَاهِرًا . رواه ابن حبان ، وأوْرَده الألباني في السلسلة الصحيحة ، وفي صحيح الترغيب والترهيب .
وقوله : " في شِعارِه " أي : اللباس الذي يَلِي بَدَنه .
وفي حديث مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِراً فَيَتَعَـارّ مِنَ الّليْلِ ، فَيَسْأَلُ الله خَيْراً مِنَ الدّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاّ أَعْطَـاهُ إِيّـاهُ . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . ومعنى " فَيَتَعَـارّ " أي يستيقظ ويتقلّب .
وقراءة المعوّذات ثلاث مرات ثم النفث في كل مرة ومَسح الجسم باليدين - هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام . فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أَوَى إلى فراشه كل ليلة جَمَع كَفّيه ثم نَفَث فيهما فقرأ فيهما : (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق ) و (قل أعوذ برب الناس) ، ثم يَمْسَح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات . رواه البخاري .
وكذلك قراءة آية الكرسي ، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : وَكَلَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زكاة رمضان ، فأتاني آتٍ فجعل يَحْثُو من الطعام فأخذته ، فقلت : لأرْفَعَنّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فَذَكَر الحديث - فقال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتى تختم الآية ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يَقْرَبَـنَّك شيطان حتى تُصْبِح . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صَدَقَكَ وهو كَذوب . ذاك شيطان . رواه البخاري .
والنوم ليس على الكتف الأيمن وإنما هو على الْجَنْب الأيمن . ففي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شِـقِّـه الأيمن ، ثم قال : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفَوّضْتُ أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا مَنْجَا مِنك إلاّ إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قَالَهُنّ ثم مات تحت ليلته مات على الفطرة . رواه البخاري ومسلم . وهذه رواية البخاري . وبوّب عليه الإمام البخاري : باب النوم على الشِّقّ الأيمن . وفي رواية للبخاري : فإن مُتَّ مُتَّ على الفِطرة .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أوَى أحدكم إلى فراشه فليأخذ دَاخِلَة إزَارِه ، فلْيَنْفُض بها فِراشه ، ولْيُسَمّ الله ، فإنه لا يَعلم ما خَلّفه بعده على فراشه ، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شِـقِّـه الأيمن ، ولْيَقُل : سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبِكَ أرْفَعه ، إن أمسكت نفسي فاغْفِر لها ، وإن أرسلتها فاحْفَظْها بما تَحْفَظ به عبادك الصالحين . رواه مسلم .
وروى مسلم من طريق سهيل قال : كان أبو صالح يأمُرُنَا إذا أراد أحدنا أن يَنام أن يَضطجع على شِـقِّـه الأيمن ، ثم يقول : اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ، ومْنْزِل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك مِن شَرّ كل شيء أنت آخذ بِنَاصِيَتِه ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقْضِ عَـنّا الدَّيْن وأغْنِنَا من الفقر . وكان يَروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي حديث حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يَرْقُد وَضَع يده اليمني تحت خِدّه ، ثم يقول : اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك . ثلاث مِرار . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
والله تعالى أعلم .